لم تقدر الذاكرة البصرية البعيدة المدى حق قدرها في الأبحاث السابقة، إذ بيَّنت تجارب أمريكية جديدة وجود احتياطيات هائلة لدى الإنسان.
والجميع يعرف أمثلة عن ناس لديهم مقدرات مدهشة في استذكار الأرقام والأشياء والصور، لكن تجارب سابقة كثيرة أجريت أقنعت العلماء أن الذاكرة البشرية لا تحتفظ عادة بما يكفي من التفاصيل عن التجربة التي خضع لها الإنسان. ومع ذلك، فقد أظهرت التجارب الأخيرة خطأ هذا الاستنتاج، فنحن جميعاً لدينا القدرة الكافية كي نتذكر بدقة عدداً من الأشكال أكثر كثيراً مما نعتقد، لكن المهم هو الصياغة الصحيحة للتجربة.
لقد شاهد أشخاص قيد الاختبار على الشاشة نحو ثلاثة آلاف صورة لأشياء مختلفة خلال مدة خمس ساعات، بمعدل ثلاث ثواني لكل صورة. وفي اليوم ذاته، عُرضت على المُختبَرين أزواج من الصور، الأولى فيها جديدة والثانية من السلسلة الأولى، وكان عليه أن يدلَّ على الشكل المشاهَد، واستـُخدِمَت أثناء ذلك ثلاثة أنواع من أزواج الاختبار. في النوع الأول أشكال مختلفة تمام الاختلاف، وفي النوع الثاني نماذج مختلفة من أجسام ذات نمط واحد (مثلاً، جهازا تحكم مختلفان)، أما النوع الثالث فحوى الجسم ذاته لكن مع تحوير بسيط (مثلاً، كأس مملوء بالكامل، أو مملوء جزئياً).
وخلافاً لكل التوقعات فقد أدلى المُختبَرون بنسبة عالية من الأجوبة الصحيحة، وهي 92% و88% و87% للأنواع الثلاثة من الأزواج على التتالي.
لقد افترض العلماء سابقاً أن الإنسان يستوعب المعلومات المجرَّدة العامة فقط عن كل صورة لدى استذكاره عدداً كبيراً من الصور، لكن الافتراض الجديد ينص على أنه إذا كان بمقدور الدماغ الاحتفاظ بمجموعة من التفاصيل الدقيقة عن كل هذه الأشكال، فإن حجم الذاكرة البصرية هو أعلى بمراتب عديدة مما سبق لعلماء فيزيولوجيا الأعصاب أن تكهنوا به، أما المفتاح للوصول إلى هذا الأمر فيكمن في شيئين، الأول هو اهتمام المُختبَرين بالتذكر (جرِّب وستنجح)، والثاني هو أن الأشكال يجب أن تكون أشياء معروفة (مواد تُستخدم يومياً)